لطالما كرهت المرايا..
وكرهت وقوفي أمامها..
لا لشيئ.!
ولكن لأنها تكذب علينا
وتثرثر أكثر منا..
فهي لا تعكس منا سوى الصورة الخارجية فقط..
ولا تستطيع أبدا عكس دواخلنا الموحشة المظلمة..
المرايا وحدها تثرثر أمامي.
ولطالما رهبت الشيب وخشيته..
كنت أعشق اللون الأبيض وأعتبره سيد الألوان..
عتبت كثيراً على أمل دنقل حينما خاصم اللون الأبيض أثناء مرضه الأخير..
آه..ولكن هذه الليلة بدأت أعيد التفكير جيداً..
حينما وقفت مجبرا أمام المرآة..حينما شاهدت سيد الألوان
يهاجم رأسي من كل الإتجاهات..
فكرت طويلاً..تنهدت..حاكمت أيامي أمام المرآة..
جعلت المرآة شاهدة على مخاصمتي للون الأبيض..
هاجت ذكرياتي وسحبتني للخلف كثيراً كثيراً..
وذاكرتي التي بدأت أشاغلها بحب جديد وأشتتها وسط الزحام
حتى تبقى نائمة..تفاجأت بها تستيقظ من جديد..
تعثرت بها..سقطت..أردت خلعها..او حتى تنويمها فلم أستطع.
أخذتني على حين غرة إلى أيام خلت..
إلى أماكن مهجورة..
هيجت وجدي..
فتحت أمامي دهاليز ظننتها مغلقة من زمن..
أيقظت أناساً كثيرين من مقابرهم..
أخذتني إلى تفاصيل مؤلمة..
أحداث لطالما امرضتني..
ليتها بقيت نائمة إلى الأبد..
تبا لك أيها اللون الأبيض.!
أيعقل أن تفعل بي كل هذا..
وأنا وطوال سبع وثلاثين سنة أحبك وأفضلك على كل الألوان
أيعقل وأنت اللون المتصالح مع نفسك أن تلقي بي في دهاليز الذاكرة. ؟
أيعقل أن أبدأ من اليوم بكرهك وحب المرايا. ؟
لا أعلم..
اللهم هبني ذاكرة كذاكرة المرايا..
فلطالما اشقتني..
وارزقني لونا أحبه ويحبني..
فاللون الأبيض كشف ضعفي أمام المرآة وعرى أيامي..
اللهم هبني ثرثرة بها يطمئن قلبي..
يارب افتح لي مرآة بداخل نفسي حتى اجدك.!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق